تعزيز أُطر التعاون بين شركات التكنولوجيا المالية والمصارف في “قمة دبي للتكنولوجيا المالية”
استضاف مركز دبي المالي العالمي، المركز المالي الرائد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، الدورة الثانية من الجلسات النقاشية المعمقة لـ “قمة دبي للتكنولوجيا المالية” هذا الأسبوع، التي عقدت برئاسة محمد البلوشي، مدير مركز “إنوفيشن هب” و”فينتك هايف” التابعين لمركز دبي المالي العالمي، وبحضور 10 رؤساء ومدراء لبنوك إقليمية وشركات تكنولوجيا مالية رائدة. وناقشت الجلسة سبل تقدم القطاع في ظل الأزمة المصرفية الراهنة وكيفية تقليل المخاطر وطرق بناء مؤسسات مالية راسخة ومستدامة.
ووفقًا لدراسة بحثية حديثة أجرتها Report Ocean، بلغت قيمة سوق الإقراض العالمي للتكنولوجيا المالية حوالي 573.05 مليار دولار أميركي في عام 2021، حيث من المتوقع أن ينمو بمعدل نمو ثابت يزيد عن 27.4٪ خلال الفترة المتوقعة بما ين 2022 لـ 2029.
وفي هذا الصدد علّق محمد البلوشي قائلاً: “في ظل جهودنا لبناء قطاع قوي قائم على أسس متينة تعزز مستويات الأمان والموثوقية، إلا أننا ندرك حقيقة أن القطاع المصرفي يشهد حالياً العديد من التحديات، ونتطلع من خلال المناقشات الموسّعة والجلسات الحوارية المعمّقة والمنصات العالمية الرائدة على غرار “قمة دبي للتكنولوجيا المالية” والمقرر عقد نسختها الأولى في شهر مايو المُقبل، إلى بحث سبل التعاون بين المؤسسات المالية والهيئات التنظيمية ورواد الأعمال الواعدين لاستكشاف طرق تطوير وتحقيق التقدم والازدهار في القطاع”.
التعاون بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية
تشير التوقعات إلى تضاعف حجم قطاع التكنولوجيا المالية، الذي يُنظر له على نطاق واسع كمنافس رئيسي للقطاع المصرفي، من 135.9 مليار دولار عام 2021 إلى 266.9 مليار دولار عام 2027، وفقاً لتقرير “فينتك هايف” لعام 2022. تشير البيانات أن ما يقرب من 50 في المائة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يتعاملون مع البنوك حاليًا أو يعانون من نقص في عدد البنوك، مما يعكس دور التكنولوجيا المالية الحيوي والهام في تعزيز النمو الاقتصادي الشامل في المنطقة. وقد برهنت مناقشات “قمة دبي للتكنولوجيا المالية” على أهمية التكامل بين القطاعين.
من جهته، قال المدير الإداري الأول ورئيس العمليات المصرفية الدولية لدى بنك أبوظبي الأول، “سانجاي سيثي”: “نتطلع في بنك أبوظبي الأول، بصفتنا مؤسسة رائدة في 20 دولة، إلى التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية، انطلاقاً من إيماننا بأن البنوك لا يمكنها العمل بمفردها. وقد ثبتت أهمية التعاون والتكامل بين القطاع المصرفي وشركات التكنولوجيا المالية سواء لدعم التوسع في مناطق جديدة، أو تحسين القدرات أو بناء الكفاءات، بما يعمل على توفير المزيد من الفرص والاستفادة منها وتعزيز مستويات النمو”.
وقد أعلن مصرف الإمارات المركزي في وقت سابق من العام الجاري بدء تنفيذ استراتيجية العملة الرقمية “الدرهم الرقمي”، والتي تعتبر خطوة استراتيجية وحيوية في قطاع المدفوعات في الدولة، ومن المتوقع أن تؤثر بشكل كبير على البنوك وشركات التكنولوجيا المالية والشركات والعملاء.
وتابع البلوشي قائلاً: “يظهر هنا أهمية التضافر والتعاون بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية وذلك مع اقتراب تحول القطاع إلى اقتصاد غير نقدي”.
التكنولوجيا: تقويض الثقة وتعزيزها
بدوره، قال الرئيس التنفيذي ومؤسس Zenda، “رامان ثياغاراجان”: “بصفتنا شركة مزودة لخدمات التكنولوجيا المالية، يتمثل جوهر عملنا بالتوازي مع باقي المؤسسات العاملة ضمن قطاع التكنولوجيا، في بناء ارتباط قوي وموثوق مع المستهلك النهائي”.
كما أوضح رئيس قسم التكنولوجيا لدى بنك الإمارات للاستثمار، “أناند كريشنان” قائلاً: “مع تحول العملاء نحو التكنولوجيا، تحتم على البنوك بحث سبل التكيف من خلال رقمنة الخدمات المصرفية. ومن هنا، هناك ضرورة ملحة إلى استثمار البنوك في التكنولوجيا الحديثة والمتطورة بما يرسخ ثقة العملاء ويحافظ على ولائهم”.
هذا وتتوقع “جوجل – Google” أن يبرز دور الخدمات المالية والصناعة المصرفية باعتبارها المنفق الأساسي على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ستشكل الصناعة ما يقرب من 25 في المائة من جميع استثمارات الذكاء الاصطناعي في المنطقة، ومن المتوقع أن تساهم التكنولوجيا المصرفية وحدها بنسبة 13.6 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق، قال مهدي التازي، الرئيس التنفيذي للعمليات لدى Lean Technologies: “نؤمن بأن ثقة العملاء في البنوك أكثر مقارنة بشركات التكنولوجيا المالية، فالبنوك مؤسسات أكبر وأكثر ترسخاً. ومع ذلك فأن شركات التكنولوجيا المالية تتفوق بشكل كبير في إجراء العمليات بشكل مبسط وسهل، لاسيما عند إعداد العملاء للتعامل مع البنوك الكبيرة. ومن هنا، نشهد تكاملاً بين نشاط كل من شركات التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية، بما يحسن تجربة العميل ويعمل على تعزيز الثقة”.
من جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة Cloud4u، “راكيش ريدي”: “يبشر ظهور الويب 3.0 بلحظة تحول نوعية لقطاع الخدمات المالية وأسواق رأس المال والخدمات المصرفية، بما من شأنه أن يُسهم في الارتقاء بتوقعات العملاء وإحداث ثورة تحولية في القطاع. وتشير التقديرات إلى أن القيمة الإجمالية للمعاملات المالية المضمنة ستصل إلى 7 تريليونات دولار عام 2026. وسيدعم ذلك جهود النمو في قطاع المنصات كخدمة، كما سيصبح دون شك عاملاً بارزاً للابتكار ضمن القطاع”.
وأكّد الرئيس التنفيذي لـ “ستيت بنك أوف انديا” “نيلاي سينغ” قائلاً: “لا يمكننا تجاهل الذكاء الاصطناعي، حيث نؤمن بضرورة تبني تقنياته بفعالية وكفاءة وأهمية فهم متى يجب أن نتعاون وما يجب الاستعانة به من مصادر خارجية “.
وضمن تطلعاتنا المستقبلية للقطاع، من المتوقع أن تحدث التكنولوجيا تحولات كبيرة في مجال بناء الثقة، سرعة الوصول، والفاعلية في قطاع التمويل. ومع وجود هدف موحد لبناء حلول مصرفية شاملة ومستقرة في المنطقة، تتطلع المؤسسات المالية التقليدية إلى التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية ذات الصلة للمساعدة في سد الفجوات وتعزيز مكاناتها الاستراتيجية.