رؤية إماراتية: الذكاء الاصطناعي مفتاح مستقبل واعد
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة مسيرتها بخطى ثابتة وواثقة نحو تحقيق رؤيتها المستقبلية بأن تصبح عاصمة عالمية للذكاء الاصطناعي. وقد حظيت هذه الجهود بدعمٍ دولي واسع، حيث أجمعت التقارير الواردة في العديد من المطبوعات الدولية على أن الإمارات تُعد من رواد هذا المجال الواعد.
وتُعدّ الاستثمارات الضخمة التي تُضخّ في قطاع الذكاء الاصطناعي شهادةً على التزام الإمارات بتحقيق أهدافها. فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة مايكروسوفت في أبريل الماضي عن استثمار 1.5 مليار دولار في شركة جي 42، وهي شركة إماراتية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويُمثّل هذا الاستثمار جزءًا يسيرًا من حجم الاستثمارات التي تُوجهها الإمارات لهذا القطاع.
وتعود ريادة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي إلى الجهود المبكرة التي بذلتها الحكومة في هذا المجال. ففي عام 2017، أصبحت الإمارات أول دولة في العالم تُعيّن وزيرًا للذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار استراتيجية طموحة تهدف إلى تحويل الإمارات إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031.
وتُعدّ إنجازات الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي مثيرة للإعجاب. ففي سبتمبر الماضي، تم إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي “فالكون”، والذي يُعدّ أفضل نموذج لغة كبير مفتوح المصدر (LLM) متاح في العالم في ذلك الوقت، متفوقًا على أفضل النماذج التي توفرها شركات مثل ميتا وجوجل.
تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة طفرةً ملحوظةً في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر في مجالي البرمجيات وتقنية المعلومات، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن “أف دي آي ماركيت”. فقد جذبت الإمارات 580 مشروعًا منذ بداية عام 2022، وتسعى لجذب المزيد خلال العام الجاري.
ويُشير التقرير إلى أن هذه الطفرة تعكس ثقة المستثمرين في إمكانيات الإمارات كمركزٍ إقليميٍ رائدٍ لتقنية الذكاء الإصطناعي. وبفضل عوامل عدة، تُتوقع “أف دي آي ماركيت” أن تشهد منطقة الشرق الأوسط، بقيادة الإمارات العربية المتحدة، طفرةً قويةً في قطاع التقنية خلال السنوات القليلة المقبلة. وتُشير التوقعات إلى أن اقتصاد المنطقة الرقمي سينمو بنسبة سنوية قدرها 20%، ليبلغ حجم القطاع نحو 780 مليار دولار بحلول عام 2030، بحسب بنك يو بي أس الاستثماري.
يُقدم هذا النمو فرصًا استثماريةً واعدةً للمستثمرين وللشركات العاملة في مجال التقنية، سواء كانت مؤسسات ناشئة أو راسخة. وتُعدّ الإمارات وجهةً مثاليةً لبدء أو توسيع الأعمال في هذا القطاع الواعد.
هذا وتُسخر دولة الإمارات العربية المتحدة إمكاناتها لتعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، انسجامًا مع رؤية “نحن الإمارات 2031” التي تهدف إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي إلى 3 تريليونات درهم (817 مليار دولار). وتأتي هذه الجهود المتضافرة على مستوى الدولة ككل، وإمارة أبوظبي بشكل خاص، لدعم نمو قطاع التكنولوجيا وتحقيق التحول الرقمي.
وتُدرك الإمارات تمامًا الدور المحوريّ للذكاء الاصطناعي في اقتصاد المستقبل. فقد وضعت رؤية طموحة لتصبح رائدة عالمية في هذا المجال خلال العقد القادم، تجسّدها استراتيجية الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها عام 2017. كما تُعزّز هذا التوجه من خلال إنشاء أول جامعة في العالم مختصة بأبحاث الذكاء الاصطناعي.
وتُواصل أبوظبي جهودها الحثيثة لتصبح عاصمة عالمية للذكاء الاصطناعي. فقد أنشأت في يناير الماضي مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، الذي يتولى عمليات البحث واستراتيجيات الاستثمار في هذا المجال. كما تُساهم شراكة شركة “جي 42” مع “مايكروسوفت” في تسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط.
ولكن لترسيخ هذه الريادة وتعزيز جاذبية الإمارات كوجهة تكنولوجية رائدة، تُدرك الدولة ضرورة ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي. وتُعدّ هذه الاستثمارات بمثابة ركيزة أساسية لتحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة، وتعزيز مكانتها العالمية كمركزٍ رائدٍ للابتكار والتكنولوجيا.