تقرير بنك التسويات الدولية يكشف تأثير التمثيل الرقمي على البنوك المركزية والأسواق المالية
أصدر بنك التسويات الدولية، يوم الاثنين، تقريرًا جديدًا يستكشف تأثير التحول الرقمي على القطاع المالي ودور البنوك المركزية فيه. يحمل التقرير عنوان “التمثيل الرقمي في سياق النقود والأصول الأخرى: المفاهيم والآثار المترتبة على البنوك المركزية”. يأتي هذا التقرير استجابةً لتنامي أهمية التقنيات الرقمية في الأسواق المالية، وقد تم إعداده بناءً على طلب من رئاسة مجموعة العشرين البرازيلية.
يشرح التقرير المفاهيم الأساسية المرتبطة بالعملات الرقمية والمنصات القابلة للبرمجة، وكيف يمكن لهذه التقنيات أن تغير شكل الأسواق المالية. فمن خلال تمكين تداول الأصول المالية بشكل كامل عبر منصات رقمية، يمكن لهذه التقنيات أن تخفض التكاليف وتسمح بابتكار منتجات مالية جديدة. ومع ذلك، لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه التقنيات، يجب أن تكون مصحوبة بإطار تنظيمي قوي يضمن سلامة وكفاءة النظام المالي.
كما تُمثل التطورات في مجال العملات الرقمية فرصةً جديدة للبنوك المركزية لإعادة النظر في دورها في نظام مالي يتحول بشكل متزايد نحو الرقمنة. يسلط التقرير الضوء على العديد من الجوانب المهمة التي يجب مراعاتها، مثل تصميم أنظمة الدفع، والإشراف على الأنشطة المالية، وآثار هذه التطورات على السياسة النقدية. تقدم العملات الرقمية مزايا عديدة، مثل تكاليف معاملات أقل وسرعة في تنفيذ المعاملات، مما يجذب اهتمام المستثمرين المؤسسيين. ومع ذلك، يحذر بنك التسويات الدولية من أن هذه المزايا تأتي مصحوبة بمخاطر وتحديات كبيرة يجب التعامل معها بحذر.
المخاطر المرتبطة بالحوكمة والاستقرار المالي
يحدد تقرير بنك التسويات الدولية مجموعة من المخاطر المرتبطة بالعملات الرقمية، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالحوكمة والقوانين، بالإضافة إلى مخاطر أخرى مثل الائتمان والسيولة والأمن التشغيلي. هذه المخاطر قد تختلف عن تلك التي تواجهها الأنظمة المالية التقليدية، مما يتطلب من البنوك المركزية دراستها بعناية.
يوصي التقرير بأن تقوم البنوك المركزية بتقييم المزايا والعيوب المرتبطة باستخدام أنواع مختلفة من الأصول الرقمية في أنظمة الدفع، وتحديد الأنشطة التي تحتاج إلى رقابة وإشراف.
يشير تقرير بنك التسويات الدولية إلى أن العملات الرقمية يمكن أن تغير بشكل كبير الطريقة التي تعمل بها السياسة النقدية، خاصة فيما يتعلق بالطلب على الأموال التي تصدرها البنوك المركزية وبنية الأسواق المالية. هذه التغيرات قد تؤدي إلى إعادة تشكيل دور البنوك المركزية في المستقبل.
وفي هذا الصدد، صرح أغوستين كارستينز، مدير عام بنك التسويات الدولية، بأن العملات الرقمية يمكن أن تساهم في زيادة كفاءة وسلامة الأنظمة المالية، ولكنها في الوقت نفسه تطرح تحديات قانونية واقتصادية وتقنية يجب معالجتها.
هذا ويشير تقرير بنك التسويات الدولية إلى أن العملات الرقمية قد تؤدي إلى عدم وضوح في القوانين المطبقة عليها، خاصة فيما يتعلق بتطبيق القوانين الحالية على هذه الأصول الجديدة. على سبيل المثال، قد يكون هناك غموض حول تطبيق قوانين الإفلاس على العقود التي تتم باستخدام العملات الرقمية.
وفي هذا السياق، أكد فابيو بانيتا، رئيس لجنة المدفوعات والبنية الأساسية للسوق، على أهمية وجود حوكمة وإدارة للمخاطر في مجال العملات الرقمية لتحقيق الاستفادة القصوى منها. وأوضح بانيتا أن المخاطر التي تواجه الأنظمة المالية التقليدية قد تظهر بشكل مختلف في عالم العملات الرقمية بسبب طبيعتها الجديدة.
مشاريع تجريبية للتمثيل الرقمي من قبل مؤسسات مالية كبرى
يشهد قطاع الخدمات المالية تحولاً كبيراً بفضل التطورات التكنولوجية. وفي هذا السياق، تجري عدد متزايد من المؤسسات المالية العالمية تجارب لاستكشاف الودائع المميزة بهدف تسريع عمليات التسوية وتمكين المدفوعات القابلة للبرمجة. هذه التجارب تهدف إلى بناء بنية تحتية مالية أكثر كفاءة ومرونة.
ناولت التجربة التساؤلات الجوهرية حول مزايا وعيوب التمثيل الرقمي وفرص الإيرادات المحتملة. وفي حين تم تحديد مزايا كبيرة، أكد التقرير على الحاجة إلى مجموعة أوسع من حالات الاستخدام تتجاوز تلك التي تم اختبارها في البداية لضمان النجاح التجاري.
هذا وشاركت في التجربة بنوك باركليز، وسيتي المملكة المتحدة، وإتش إس بي سي المملكة المتحدة، ومجموعة لويدز المصرفية، بالإضافة إلى شركات الدفع العالمية مثل ماستركارد وفيزا. هدفت هذه التجربة إلى استكشاف إمكانات الودائع المميزة في تحسين كفاءة عمليات التسوية المالية وتطوير منتجات مالية جديدة.
