بنك التسويات الدولية يدرس إيقاف مشروع mBridge
وفقًا لتقرير بلومبرغ الأخير، يقوم بنك التسويات الدولية (BIS) بدراسة إمكانية إيقاف مشروع mBridge، وهي منصة مدفوعات رقمية للبنوك المركزية (CBDC) عبر الحدود، تم تطويرها بالشراكة مع البنوك المركزية في الصين وهونغ كونغ وتايلاند والإمارات العربية المتحدة، وذلك بسبب بعض التحديات التقنية أو التنظيمية التي واجهها المشروع. وكانت المملكة العربية السعودية قد انضمت إلى هذه المبادرة عند إطلاق mBridge كمنتج قابل للتطبيق في يونيو.
وفقًا لمصادر مطلعة، تم مناقشة مستقبل مشروع mBridge خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الأسبوع الماضي، في ظل المخاوف المتزايدة بشأن اهتمام روسيا بمشروع مماثل يسمى BRICS Bridge.
أكد “أغوستين كارستينز”، المدير العام لبنك التسويات الدولية، خلال حدث لمجموعة الثلاثين في واشنطن يوم السبت، أن البنك غير قادر على دعم أي مشروع لمجموعة بريكس بشكل مباشر. وقال كارستينز: “نظرًا لوجود عقوبات على بعض الدول الأعضاء في بريكس، مثل روسيا وإيران، فإننا مقيدون في تعاملاتنا مع هذه المجموعة. وبالتالي، فإننا غير قادرين على المشاركة بشكل مباشر في أي من مشاريعها”.
وظائف mBridge ومشاركة الصين
يسهل mBridge المدفوعات عبر الحدود للبنوك التجارية من خلال بنوكها المركزية، باستخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية بالجملة (wCBDCs)، وهي أصول رقمية تصدرها البنوك المركزية وتستخدم في المعاملات بين المؤسسات المالية. يسمح تصميم mBridge بإجراء المعاملات مباشرة بالعملة المحلية، مما يتجاوز الحاجة إلى الدولار الأميركي.
تقليدياً، تعتمد البنوك على البنوك المراسلة أو تحافظ على حسابات في الخارج لإجراء المدفوعات عبر الحدود، وهي عملية مكلفة وتتطلب ربطًا لرأس المال. يوفر تصميم mBridge وفورات كبيرة من خلال القضاء على الحاجة إلى هذه الحسابات والوساطات، مما يجعل المدفوعات أسرع وأقل تكلفة وأكثر كفاءة.
تتمثل إحدى التحديات الرئيسية التي تواجه مشروع mBridge في هيمنة الدولار الأميركي كعملة وسيطة في المعاملات الدولية. وذلك لأن الدولار الأميركي يتمتع بأسعار صرف ثابتة نسبيًا مقابل معظم العملات الأخرى. وبالتالي، قد تحصل الشركات على أسعار صرف أقل عند استخدام العملات المحلية مباشرة، مما يقلل من جاذبية هذا الخيار.
في النظام المالي الحالي، توجد مئات الأزواج النقدية، ولكن معظم التداول يتركز حول الدولار الأميركي. هذا يعني أن التحويل المباشر بين جميع العملات قد يؤدي إلى أسعار صرف أقل تنافسية. وبالتالي، فإن اختيار عملة وسيطة بديلة للدولار الأمريكي قد يكون صعباً، خاصة وأن دول مجموعة البريكس لم تظهر اهتمامًا كبيرًا بهذا الأمر.
تكلفة الصرف الأجنبي تشكل جزءًا كبيرًا من تكلفة المدفوعات عبر الحدود. لذلك، فإن إيجاد حلول لتقليل هذه التكلفة أمر بالغ الأهمية لنجاح مشروع mBridge. بينما قد تشعر بعض الشركات، خصوصًا تلك المملوكة للدولة، بأنها مضطرة لاستخدام العملات المحلية لدعم هذا المشروع، إلا أن الشركات الأخرى ستفضل الخيارات التي توفر لها أقل تكلفة.
تقود الصين مجموعة العمل الفنية لمشروع mBridge وقد ساهمت بتقنيات حيوية مثل آلية إجماع بلوكتشين. أثار تقرير بلومبرج تساؤلات حول تأثير الصين الكبير على المشروع، خاصة بالنظر إلى الروابط الوثيقة بين الصين وهونج كونج والإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، فإن انطلاق المشروع كشراكة بين هونج كونج وتايلاند يبرر موقعه في مركز ابتكار بنك التسويات الدولية في هونج كونج ومشاركة الصين.
إن النقاش حول مستقبل mBridge ليس مفاجئًا. في وقت سابق من هذا العام، أطلق بنك التسويات الدولية مشروع Agorá، وهو مشروع مشابه يهدف إلى تسهيل المدفوعات عبر الحدود.
أحدثت التحديثات الأخيرة على مشروع mBridge خلال مؤتمر سيبوس نقاشًا حيويًا حول مستقبله. فمن جهة، هناك اقتراحات بدمج mBridge مع نظام سويفت العالمي للدفع، وربما حتى دمج الدولار الأميركي في آلياته. ومن جهة أخرى، هناك توجه لجعل البرنامج مفتوح المصدر، مما قد يزيد من شفافيته ولكنه قد يسهل على الدول الأخرى، بما في ذلك تلك الخاضعة للعقوبات، تطوير أنظمة مماثلة.