تعدين العملات الرقمية مستمر في أوروبا
صوّت وقرّر الإتحاد الأوروبي خلال الرابع عشر من آذار، أمس، للإطار التشريعي لإدارة العملات الرقمية الذي يعرف باسم سوق العملات الرقمية (MiCA). وكان من المحتمل أن يحد من استخدام قاعدة إثبات العمل عند معالجة المعاملات في مجال العملات الرقمية والعملات القائمة على هذه القاعدة (POW-Proof of Work). وجاءت نتيجة التصويت 32 صوت ضده مقابل 24 صوت مع تنفيذه.
ويبدو أن الإقتراح كان يتضمّن شرطًا يمكن أن يحُدّ من استخدام العملات الرقمية القائمة على إثبات العمل، والتي تندرج تحتها كل من بيتكوين وإيثيريوم. والمعلوم أن المشرّعين في الاتحاد الأوروبي يُعارضون بشدّة قاعدة إثبات العمل بسبب ما يسمّى باستهلاك الطاقة، إذ قبل هذه المسودة النهائية، احتوى الإصدار السابق على قرار يُحَظِّر الخدمات الخاصة بالأصول والعملات الرقمية التي تعتمد على آليات غير مستدامة بيئيًا، ولكن تم إلغاؤه لاحقًا بعد ردة فعلٍ ضخمة من محيط هذا المجال.
وقد غَرَّدَ على موقع تويتر عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية في البرلمان الأوروبي ستيفان بيرغر أن اللجنة ستصوّت على إطار عمل سوق العملات الرقمية أو MiCA في 14 آذار بعد تقديم المسودة النهائية لمشروع القانون. وبصفته الشخص المعني بالإبلاغ عن الإجراءات المتعلّقة بمشروع القانون، قال بيرغر أن “التشريع لن يتضمّن بعد الآن نصًّا كما فسّره البعض على أنه حظر محتمل على تعدين العملات الرقمية اعتمادًا على قاعدة إثبات العمل.”
ومع ذلك، يوجد إصدار واحد يحتوي على حكم مماثل يقضي بأن “تخضع الأصول الرقمية للحد الأدنى من معايير الاستدامة البيئية من ناحية آلية الإجماع المستخدمة للتحقق من صحة المعاملات، قبل إصدارها أو عرضها أو قبولها للتداول في الإتحاد.”
البرلمان الأوروبي لم يؤمن الأغلبية اللازمة لتمرير القانون الجديد
لم يتم إقراره فقد صوّت 32 عضوًا ضده بمقابل 24 صوت مع هذا التشريع. ولو تم إقراره أمس كان سيخول الإتحاد الأوروبي من منع البورصات من إدراج أي عملة رقمية لا تُلَبّي “معايير الاستدامة البيئية” أو حتى توفير الخدمات ذات الصلة بالعملات الرقمية التي لا تفي بمعايير الاستدامة البيئية. وعلى وجه الخصوص، كان بإمكانهم أيضًا عدم تسهيل شراء أو تداول هذه العملات الرقمية وعدم تقديم خدمات الحفظ لهذه العملات الرقمية.
وتكشف أحدث المراجعات عن تعريف الاتحاد الأوروبي لأصل العملة الرقمية الغير مستدام، إذ: “قد يكون له تأثير بيئي كبير عند تشغيله على نطاق واسع، مع مراعاة استهلاك الطاقة، واستخدام الموارد الحقيقية، وانبعاثات الكربون، والنفايات الإلكترونية وخصوصيات تصميم الحوافز”.
وكانت تنص أن العملات الرقمية الكثيفة الطاقة والتي هي قيد الاستخدام في الاتحاد الأوروبي حتى قبل دخول التشريع حيز التنفيذ في حال صوّت عليه، سيتعين عليها “إعداد خطة مرحلية والحفاظ عليها لضمان الامتثال لهذه المتطلبات” على النحو المحدد في جزء آخر من إطار العمل.
وضمن هذا التشريع، بند آخر كان سينص على أن جميع عمليات التبادل ستكون مطلوبة أيضًا لضمان “التتبع الكامل لأي معاملة تزيد عن ال1000 يورو حيث سيُطلب منهم إتاحة جميع المعلومات للسلطات عند الطلب، ومراقبة وتجميد أصول أي شخص خاضع للعقوبات والاحتفاظ بالعنوان الفعلي لمنشئ المعاملة.”
وقد أصدر مزود أجهزة لمحافظ العملات الرقمية، “ليدجر “(ledger) بيانًا يتضمن أنه “يجب أن يكون للأفراد والمؤسسات الحرية في اختيار التقنيات الأنسب لاحتياجاتهم كما يتوجّب على واضعي السياسات ألّا يفرضوا أو يميزوا لصالح تقنية معينة، فإن هذا مقلق للغاية وسيكون له عواقب وخيمة على أوروبا.”
خلال الأسئلة والأجوبة التي انطرحت، دَعَت لاجارد المشرعين إلى التقدم في إطار تنظيمي مقترح للعملات الرقمية ويعرف باسم MiCA كما أشارت أن هناك دائمًا طرقًا إجرامية للالتفاف حول هذا الحظر. وأضافت: ” من الجيد جدًا أن نواكب العملات الرقمية، لكن هذا ليس كل شيء، يجب عليك الانتقال من العملات الرقمية إلى العملات المستقرة وصولًا إلى العملات الورقية. والآن هناك طرق سواء كانت تقنية البيانات الموزّعة DLT أم لا، لاختراق هذا الحجاب بالفعل والتأكد من متابعة النشاط الإجرامي والتعامل معه بشكل صحيح.”
وفي يناير، دَعا نائب رئيس هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية (ESMA) إريك ثدين إلى فرض حظر على التعدين الذي يعتمد على قاعدة إثبات العمل وتحدَّث عن المخاطر التي يشكِّلها التعدين على البيئة. وجاءت دعوى مماثلة من محافظ المصرف المركزي المَجَري جيورجي ماتولشي في فبراير حيث اقترح فرض حظر على مستوى أوروبا على أنشطة تعدين وتداول العملات الرقمية.”
المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة KARM، كوكيلا آلاغ، وهي خبيرة في تنظيم العملات الرقمية، علقت أمس على تشريع الاتحاد الأوروبي للعملات الرقمية، وقبل نتيجة التصويت، قائلةً: “في حين وجود ضغط قوي ضد حظر قاعدة إثبات العمل في نظام سوق العملات الرقمية MiCA، أُوَصّي بانتظار نجاح نقاط البيع قبل التفكير في حظر قاعدة إثبات العمل وإيثيريوم الوحيد الذي يمتلك ما يكفي من البحث والتطور في نقاط البيع وفقًا لقاعدة “Proof of Stake-POS”. وتضيف: “القرار سيعرقل الابتكارات بشكل كبير.”
هناك فرصة للحديث عن استخدام الطاقة بطريقة مستدامة وستكون خياري المفضل وفي يومنا هذا يتطلّع المعدنون الكبار إلى حلول الطاقة المستدامة مثل الطاقة المائية.”
إنتصار للعملات الرقمية
وختامًا، لم يتم التصويت على هذا التشريع إذًا، 32 ضده مقابل 24 معه، وقد أتى هذا التصويت في وقتٍ حساس للغاية في منطقة اليورو حيث ارتفعت أسعار الطاقة بشكل كبير، وهو ما قد يكون خلف تسريع طرح القرار للتصويت، ولكن أثبتت نتيجة التصويت أن تقنية البلوكتشين والعملات الرقمية أصبحت في عقول المشرعين، يدركون أهميتها ولم يكن رفض القانون الا حماية للابتكار الذي ينتج عنها.