الرعاية الصحية في الميتافرس.. متى تصبح واقعاً؟

لا تتوانى التكنولوجيا عن إبهارنا يوماً بعد يوم بآخر تطوّراتها التي باتت محطّة أساسية في حياتنا أو حتى جزء لا يتجزّأ منها. وكان آخرها “تقنية الويب 3” أو الجيل الثالث للإنترنت، القائمة على تقنية البلوكتشين واللامركزية لشبكة الويب وتحويلها من شبكة بسيطة ثنائية الأبعاد إلى عالم شبكات أكثر واقعية ثلاثي الأبعاد.
ويعتبر “الميتافرس”، أو العالم إلإفتراضي، أحد أهمّ ركائز الويب 3.0 الذي بات يستقطب أهم القطاعات والعلامات التجارية في العالم، وأبرزها، قطاع الرعاية الصحيّة.

يمتلك الميتافرس إمكانات كبيرة لتطوير الرعاية الصحية التقليدية على المدى الطويل، وفقًا لتقرير حديث لشركة Accenture. في حين أن الأمر سيستغرق وقتًا لمقدمي الخدمات الصحية للبدء في بناء بيئاتهم الرقمية الخاصة في الميتافرس، نوّه قادة الرعاية الصحية بأهمية دور الميتافرس في خدمة وتطوير القطاع الصحي، وتأثيره الإيجابي جداً على هذا القطاع.
هذا واستطلعت شركة Accenture آراء 391 من المسؤولين التنفيذيين في مجال الرعاية الصحية في 10 دول، وتبيّن أن أكثر من 80 ٪ منهم يؤمنون أن الميتافرس سيكون له تأثير إيجابي على مجال الرعاية الصحية وسيطوّرها بشكل كبير.
وفي هذا الصدد، قال المدير العام في شركة Accenture Health “كافي سافافي”: “إن القيمة الأكبر للميتافيرس في الرعاية الصحية ستعتمد على الطرق التي تلتقي بها “إنترنت المكان” و “إنترنت الملكية” مع بعضهما البعض “. فيتمتع الاثنان بالقدرة على القضاء على الشكوك والاحتكاك التي يعاني منها المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية أثناء عبورهم للمنصات وإعدادات الرعاية وبيئات العمل”.

الأولى في العالم.. الإمارات تعتمد تقنية ميتافيرس لخدمة القطاع الصحي
عربياً، وكما اعتدنا على الإمارات العربية المتحدة أن تكون سبّاقة في كلّ المجالات، اعتمدت تقنية ميتافيرس لأول مرة في العالم لخدمة القطاع الصحي في يناير الفائت من خلال إطلاق تقنية الواقع الافتراضي ثلاثي الأبعاد “ميتافيرس” لأول مرة على مستوى العالم لخدمة متعامليها بالمجال الصحي وتوفير خدمات التطبيب عن بعد.
وقالت المديرة التنفيذية لقطاع المعلومات في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، خلال معرض الصحة العربي بدبي “مباركة إبراهيم”: “منصة تقنية الواقع الافتراضي ثلاثي الأبعاد الجديدة تمهد الطريق نحو مستقبل ذكي غني بالخدمات التي تلبي تطلعات المتعاملين وتسهم في ترشيد الجهد والوقت.

وأضافت: “أدخلت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية تقنية “ميتافيرس” بثلاث خدمات نوعية هي خدمات الصحة النفسية وصحة الأسرة والارتقاء بسعادة المتعاملين ما يجعلها أول مؤسسة على الصعيد العالمي توفر خدمات التطبيب عبر الواقع الافتراضي بتقنية الميتافيرس”.

“ايميديس أفالون”: مشروع الرعاية الصحية الواعد في الميتافرس
تعمل شركة Aimedis على بناء ميتافرس خاص للرعاية الصحية، فهي منصة لتقديم الرعاية الصحية عبر الإنترنت تعتمد تقنيّة البلوكتشين والذّكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، مقرها الرئيسي في دولة الإمارات العربية، وتبني مدينة الرعاية الصحيّة في عالم الميتاڤيرس. فالميتافرس يربط المساحة الرقمية والتناظرية، وتعتبر تقنية البلوكتشين هي الأنسب لإنشاء هذا النوع من الميتافرس، كونها تتميّز بالشفافية والثقة في العالم الرقمي منذ إنشاء أول كتلة للبيتكوين.

وفي حديث خاص لـ”أنلوك”، قال الشريك المؤسس مايكل كلاديش : “نحن نبني الميتافرس الخاص بنا لأن جميع مساحات الميتافرس الأخرى لا تدعم قاعدة الخصوصية لقانون نقل التأمين الصحي والامتثال لقانون حماية البيانات العامة والبيانات الطبية والـ FHIR. وكشف أن تكلفة المشروع ستتخطّى الـ 10 مليون دولار.
من السابق لأوانه التحدث عن عدد المستخدمين، فنحن نعمل على بناء الشراكات مع المعنيين في مجال الرعاية الصحية مثل المستشفيات وشركات الأدوية أو شركات التكنولوجيا الصحية، وهذه المؤسسات تشكل قاعدة العملاء والمستخدمين في آن واحد. فدورنا يكمن في بناء البنية الأساسية الافتراضية الخاصة بهم والتي ستكون بعد ذلك في متناول المستهلك النهائي.”

إن المنافسة في هذا القطاع على أشدّها، وكلّ يحاول حجز مكان مميز له في العالم الإفتراضي، للاستفادة بقدر المستطاع من هذه التكنولوجيا الجديدة التي ستحدث ثورة على جميع الأصعدة.
وفي هذا الصدد، علّق مايكل قائلاً: ” إن منافسينا هم solve.care وdehealth، و MDDAO. بالإضافة إلى بعض شركات الواقع الافتراضي، وبالطبع جميع شركات الميتافرس الأخرى التي تعنى بقطاع الرعاية الصحية.
ولكن نحن الوحيدين الذين نمتلك ميتافرس صحي حقيقي واقتصاد رعاية صحية كامل فضلاً عن اتصالنا بسوق الأصول غير القابلة للإستبدال الطبي، ومنصة B2B /B2C للرعاية الصحية”.

أبرز خدمات “إيميديس أفالون”
ستوفر إيميديس أفالون بديلاً لمرافق الرعاية الصحية المثقلة بالأعباء. فسيتمكن المرضى والأطباء وغيرهم من المهنيين الطبيين من إجراء فحوصات “وجهاً لوجه” والاستشارات والاجتماعات التي ستوفر قدرًا كبيرًا من الوقت والطاقة والموارد لجميع الأطراف المعنية.
كما سيقدم “إيميديس” الرعاية عن بعد للمرضى الذين يخضعون للعلاج من الأمراض المزمنة مثل مرض السكري أو الربو أو أمراض القلب. في حين يمكن استخدام الميتافرس لتحسين رعاية المرضى في البلدان المتقدمة، كما يمكن أن يغيث الدول النامية التي تفتقر إلى البنية التحتية الكافية للرعاية الصحية.
شهدت السنوات الأخيرة انتشار الأجهزة الطبية القابلة للارتداء وإنترنت الأشياء. فمع تقدم التكنولوجيا، سيتمكن المزيد والمزيد من المرضى من الوصول إلى هذه الأجهزة، الأمر الذي سيمكن الأطباء من مراقبة حالتهم والتحقق منها بدقة داخل “إيميديس أفالون” بطريقة سهلة الاستخدام ، في أي وقت وفي أي مكان.
وأخيراً، لدى “إيميديس” القدرة على توفير اتصال ملائم وإنساني للدعم الطبي للمناطق التي لا تتضمن بنية تحتية ملائمة للرعاية الصحية وبخاصة دول العالم الثالث.

أحدث الوافدين إلى الميتافرس
هذا وتعتبر Solve.Care من أحدث الوافدين إلى قطاع الميتافرس، وهي شركة ومنصة لإدارة العلاقات في قطاع الرعاية الصحية، التي أصدرت إتفاقية مع Doctors Alliance- MDA، وهي منظمة مهنية كورية تضمّ متخصصين رائدين في مجال الرعاية الصحية للترويج لاعتماد تقنية الميتافرس في هذا المجال. وبموجب هذه الاتفاقية، سيتم اعتماد ممثل SOLVE الرقمي كعملة دفع مقابل الخدمات الرعاية الصحية المقدّمة في عيادة ميتافرس المقبلة في كوريا الجنوبية.
تليها مجموعة مستشفيات Yashoda والتي استحوذت على قطعة أرض في Decentraland، وأنشأت مساحة خاصة للاحتفال بمرور 30 عامًا على تقديم خدمة الرعاية الصحية للناس.
وقبل مجموعة Yashoda، انضمت مجموعة مستشفيات “أبولو” مؤخرًا إلى الميتافرس، من خلال التعاون مع 8chili Inc. ولفتت الشركة إلى أنها ستشرك المستخدمين في أنشطة الواقع الافتراضي بوساطة لتمكين قدراتهم على تنظيم المشاعر.
بدورها قالت مجموعة “أبولو” إن هذا النهج المخصص لكل مريض سيساعد في إرضاء المرضى وتعزيز ثقتهم بمجموعتنا.
وبالمثل، أعلنت GOQii، وهي منصة رعاية صحية مدعومة بالتكنولوجيا الذكية، أنها ستطلق ميتافرس يعنى بالرعاية الصحية بالشراكة مع Animoca Brands. وتعتبر Animoca Brands لاعبًا عالميًا في مجال الألعاب والبلوكتشين وتضم أكثر من 170 استثمارًا في الشركات التي تعنى بالأصول غير القابلة للاستبدال والمشاريع اللامركزية التي تساهم في بناء الميتافرس المفتوح.

أصبح مصطلح “الميتافرس” هو الكلمة الطنانة في الآونة الأخيرة ويعد بنتائج مذهلة في المستقبل القريب. فهل يُحدِث فعلاً قطاع “الرعاية الصحية” في الميتافرس ثورة تغيّر معالم القطاع أم تواجهه عقبات تعثّر طريقه؟