الجريمة في الميتافرس.. بلا رادع؟
تجتاح الجريمة عالمنا المادي لتتمثّل بصورٍٍ شتّى، ومع التطور الكبير الحاصل واجتياح تقنية الويب 3 لحياتنا بشكل عام، والميتافرس بشكل خاص، انتقلت الجريمة إلى العالم الإفتراضي وأصبحت حديث الساعة. فماذا عن إمكانية ارتكاب الجرائم في هذا العالم، وماذا عن عقوباتها؟
التهديدات التي تؤثر على الميتافرس
من الصعب التنبؤ بالتهديدات الإلكترونية لمساحة منتج غير موجودة بعد وقد تكون موجودة أو ل توجد بالشكل الذي نتخيله. لذلك، قمنا بتحديد بعض التهديدات التي يواجهها عالم الميتافرس ومستخدميه، أهمها:
- الأصول غير القابلة للإستبدال أو الـNFTs: تستخدم الأصول غير القابلة للاستبدال بكثافة في الميتافرس. فهي وحدات أو بيانات فريدة مخزنة على شبكة البلوكتشين ويمكن بيعها وتداولها. يمكن أن تتضمن بيانات تجزئة أو روابط لملفات رقمية مثل النصوص والصور ومقاطع الفيديو والصوت من أجل التحقق من ملكية الأصول الرقمية. إن الـNFTs تنظم ملكية الأصول ولكنها لا تخزن الأصول، مما يترك المستخدمين عرضة للفدية أو التهديدات الأخرى. إذا تم تشفير الملفات عن طريق برامج الفدية، فلن يتمكن مالك هذه الأصول من الوصول إلى الملفات. والأسوأ من ذلك، إذا كانت شبكة البلوكتشين الأساسية عرضة لهجمات Sybil، فيمكن سرقة الأصل.
هذا ويمكن للقراصنة أيضًا استنساخ الأصول غير القابلة للإستبدال عن طريق تغيير بعض أجزاء البيانات في الملف “المحمي” بمهارة وبيع نفس الأصل الرقمي بشكل أساسي. كما يمكن أيضًا التلاعب بخوادم الأصول، كما أظهر Moxie Marlinspike ، عن طريق تغيير المحتويات التي تم إرجاعها من عنوان URL المخزّن في الـNFT. - عمليات نقل الأصول: يمكن أن يؤدي نقل الأصول الرقمية بين مساحات الميتافرس إلى تكبد تكاليف بسبب التحقق وأيضًا لأنه يجب “تحويل” الأصول غير المتوافقة لاستخدامها على نظام أساسي مختلف تقنيًا. وسيتم استخدام وسطاء الأصول لهذا الغرض، لكن القراصنة الذين يتظاهرون بأنهم وسطاء أصول قد يخدعون المستخدمين.
-دارك فيرس Darkverse: سيكون Darkverse على غرار Dark Web، أي مساحة مجهولة للمستخدمين الخبثاء للتفاعل فيها. يحاكي الوجود المادي الزائف المساحات الحقيقية المستخدمة للاجتماعات السرية، مما يجعلها مناسبة للمجرمين لتسهيل أنشطتهم غير القانونية. من جهة أخرى، يمكن أن يكون أيضًا مساحة آمنة لحرية التعبير ضد الكيانات أو الحكومات القمعية.
هذا ويمكن إنشاء عوالم Darkverse، بحيث لا يمكن الوصول إليها إلّا إذا كان المستخدم في موقع أو نقطة جغراقية مادية معينة، الأمر الذي يساعد في حماية مجتمعات الميتافرس المغلقة. وستصعّب الرسائل المرتبطة بالموقع والرسائل التقريبية مهمّة وكالات إنفاذ القانون (LEA) في اعتراض بيانات عالم الميتافرس.
ويعتبر الـ Darkverse بمثابة مشكلة أساسية لأن الجرائم الخطرة مثل استغلال الأطفال في المواد الإباحية تمثل بالفعل مشكلة كبيرة على الإنترنت. ويصعب للغاية على الشرطة ووكالات إنفاذ القانون التحكّم بها في المساحات الافتراضية.
- الإحتيال المالي: يؤدي الحجم الكبير من المعاملات التجارة الإلكترونية في الميتافرس إلى جذب المجرمين الذين يحاولون سرقة الأموال والأصول الرقمية. في الميتافرس، سيتصدر الاقتصاد الرقمي الجديد المشهدية(باستخدام بيتكوين وإيثيريوم والمال الحقيقي و PayPal والتحويلات الإلكترونية وما إلى ذلك)، مع التحكم في أسعار الصرف من قبل السوق الحر (وربما غير المنظم). وسيكون هذا هدفًا رئيسيًا للمتلاعبين بالسوق. هذا ويمكن لشركة metaverse-only التي لا تغطيها أي جهة قضائية أن تتجنب ضرائب الدخل. بالإضافة إلى مخططات Ponzi والاحتيال في الأوراق المالية يمكن أن يخدع المستثمرين في الميتافرس. كما يمكن أن تتسبب العملات الرقمية المتداخلة والأصول الرقمية وأنظمة النقود الورقية في حدوث انهيار مثل انهيار Terra LUNA.
والجدير بالذكر أن التوصيات والتأييدات والاستثمارات المزيفة في الميتافرس بإمكانها أن تعزز قيمة الأصول الرقمية بشكل مصطنع. على سبيل المثال، تعتمد قيمة “الأرض الافتراضية” بشكل كبير على الإدراك، والذي يمكن التلاعب به من خلال عوامل عدة، أبرزها:
- الهندسة الإجتماعية: يمكن وصف الهندسة الاجتماعية بأنها مجموعة من التفاعلات البشرية الضارة المصممة لخداع المستخدمين لارتكاب أخطاء أمنية وإعطاء معلومات حساسة. تكون عمليات الاحتيال التي تستخدم الهندسة الاجتماعية أكثر نجاحًا عندما يكون لدى الجهات الخبيثة معلومات مفصّلة حول أهدافها. في الميتافرس، يمكن للمشغلين إجراء تحليل دقيق للمشاعر باستخدام المعلومات الشخصية مثل العين والجسم والصوت وتتبع الحركة وما إلى ذلك. فيتم جمع كل هذه البيانات، لتتم سرقتها أو إساءة استخدامها في ما بعد.
هذا وسبق أن نشرت مجلة Wired الأميركية تقريراً يجيب عن سؤال “ما الأفعال التي يمكن اعتبارها جريمة داخل الميتافيرس؟ انطلاقاً من التطور الهائل للميتافيرس، خصوصاً بعد دخول فيسبوك على خط تطوير تلك التقنية.
“ميتا” تتصدى للتحرّش!
أعلنت شركة “ميتا” في وقت سابق، عن إطلاق ميزة جديدة تمنع الاحتكاك غير المرغوب به بين الشخصيات الافتراضية في الميتافيرس، واعتماد حد أدنى للمسافة بين التجسيدات الرمزية (أفاتار) للمستخدمين في شبكة “Horizon” (هورايزون وورلد) للواقع الافتراضي، بعد تقارير عن تحرش إلكتروني، وهي من المشكلات الشائكة في رؤيتها لعالم الميتافيرس.
جاء ذلك في بيان رسمي نشره نائب رئيس شركة “هواريزن وورلد” فيفك شامرا (مملوكة لميتا)، في الرابع من شباط الفائت، مؤكداً أنّ ميزات جديدة أضيفت لمنع التفاعلات غير المرغوب فيها بين الشخصيات.
وذكر شامرا أنه تم إطلاق الحدود الشخصية، في “هورايزن وورلد” و”هورايزن فينوس” والتي تمنع الصور الرمزية (أفاتار) من الاقتراب من بعضها البعض، مما يخلق مساحة شخصية أكبر للأشخاص ويجعل من السهل تجنب التفاعلات غير المرغوب فيها.
وأكد أن تطبيق الحدود بدأ في كلتا المنصتين، وهي عبارة عن مساحة تقدر بأربعة أقدام لايستطيع الشخص الاقتراب أكثر منها نحو الشخصيات الأخرى، لافتة إلى أنّ العمل يجري حالياً على تحسينها على نحو يقدم تجربة استخدام جيدة للأشخاص.
كيفية عمل ميزة الحدود الشخصية في الميتافيرس
تمنع ميزة الحدود الشخصية أي شخص من الاقتراب ضمن المساحة المذكورة، وفي حال المحاولة فإن النظام سيشلّ حركته ويمنعه من الاقتراب، من دون أن يشعر المستَهدف بتلك المحاولة. ويأتي هذا التطوير على إضافة كانت موجودة سابقة تختفي فيها يد الشخص عند محاولته لمس الأشخاص الآخرين بشكل غير محبب.
حادثة تحرش في الميتافيرس
كانت سيدة بريطانية تدعى “نينا باتل” قد أعلنت تعرضها للتحرش الجنسي لحظة دخولها إلى إحدى منصات الميتافيرس أواخر شهر كانون الأول الماضي.
وقالت “باتل” إن ثلاث أو أربع شخصيات (أفاتار) ذكورية، اقتربت منها بعد دخولها إلى منصة “فينوس” بـ 60 ثانية، وبدؤوا بالتحرش بها ملتقطين صوراً خلال تحرشهم.
وأكدت في تدوينتها أن الحادثة التي عايشتها كانت تجربة مروعة وسريالية أشبه بالكابوس، وحدثت بسرعة كبيرة، حتى إنها لم تستطع أخذ وضعية الأمان.
أخيراً، إن العالم بحاجة إلى قوانين جنائية تنظمه في حال وقوع جرائم كالسرقة أو النصب أو القتل وحتى لو في “العالم الإفتراضي”.
فهل يتم في المستقبل تعديل القوانين أو إيجاد قوانين جديدة لتعكس العنف المحتمَل في هذا العالم؟