يشهد سوق العملات والأصول الرقمية الانهيار الملحمي لمنصة العملات الرقمية “أف تي أكس-FTX” لمؤسسها “سام بانكمان فريد”، وما بين عدم الشفافية والتخبّط التي أحدثه بينانس في هذا السياق، من بيعٍ لشراءٍ لتغريدةٍ وغيرهم من هنا وهناك.. يبقى المتداولين على المنصة الضحية الأبرز وكذلك المستثمرين الكبار الذين أعجبوا دوماً بسام بانكمان فريد والذي خسر كامل ثروته وشركته وأعلن إفلاسه ليبقى مديوناً بما قيمته 650 مليون دولار. بين ليلة وضحاها تحول مشروع جرى تقييمه بـ32 مليار دولار إلى لا شيء، بل أسوأ إلى كابوس للمتداولين والمستثمرين والأهم لسوق العملات الرقمية الذي اتفاعل سلباً وسجل خسائر غير مسبوقة خلال 48 ساعة.
وما يجب الوقوف عنده أن عاصفة السوق هذه لم تقف تأثيراتها هنا، فقد تخبّط سوق العملات الرقمية وتدهورت أسعاره، إذ انخفض الممثل الرقمي FTT ليصل إلى 2.06 دولار اليوم، في حين انخفضت كل من بيتكوين وإيثيريوم بنسبة 14.3 و20 بالمائة على التوالي. وليس هذا فقط، بل يدور الحديث خلال اليومين الماضيين بشكلٍ كبير حول مدى تأثير انهيار “أف تي أكس” على شبكة “سولانا بلوكتشين-Solana Blockchain” وممثلها الرقمي “SOL”.
انخفض سعر الممثل الرقمي “SOL” حتى بعد ظهر يوم الثلاثاء بنحو 40 بالمائة أي خلال 24 ساعة ما بعد الانهيار الكبير، وبنسبة 50 بالمائة خلال الأسبوع ككل حتى الآن. ويتم تداول “SOL” اليوم بحوالي 13.75 دولاراً فقط وبانخفاضٍ مستمر (خلال وقت النشر).
ما علاقة “سولانا” بانهيار “أف تي أكس”؟
“أف تي أكس” مستثمر في “سولانا” عبر “ألاميدا”
من ضمن استثمارات المجموعات الخاصة، جمعت سولانا عام 2021 حوالي 300 مليون دولار، وضمن المستثمرين كانت “ألاميدا-Alameda Research” لمؤسسها “سام بانكمان!” التي تم منحها نسبة من ملكية “سولانا” إزاء مشاركته في جولة الإستثمار. وعلى ما يبدو، كانت ألاميدا أكثر من كونها شركة تجارية لمنصة أف تي أكس أي أكثر مما كان يُعتَقَد سابقاً.
وظهرت الفرضيّات بعد انهيار الممثل الرقمي “FTT” بأن المنصة كانت تبيع الأصول، بما في ذلك ممثلات “SOL”، لتحقيق استقرار سعر ممثلها الرقمي الأصلي، “FTT”. وكان ذلك بسبب مخاوف السيولة التي تم الكشف عنها مؤخراً والتي واجهتها “أف تي أكس”. ويُزعَم أن ألاميدا احتفظت بممثلات رقمية “SOL” بقيمة إجمالية تبلغ مليارات الدولارات. كل هذه المعطيات لم يتم نفيها من الطرفين أو تأكيدها حتى.
ماذا عن الشراكة الاستثمارية ما بين “أف تي أكس” و”سولانا”؟
وبعيداً عن مصالح الشركة، شكلتا “أف تي أكس” و “سولانا” عدداً من الشراكات الاستثمارية الأخرى. فقد شهد أوائل عام 2022 تعاون “أف تي أكس” مع “CoinShares” لتقديم منتجات مالية متداولة بالبورصة خاصة بسولانا (SOLANA ETP`s) } وهي أنواع من الأوراق المالية التي تتعقب الأوراق المالية الأساسية أو المؤشر أو الأدوات المالية{ والتي كانت مدعومة بالممثلات المادية. ويقال بـأن “سام بانكمان فريد وضع مليون “SOL” كتمويل أولي أيضاً.”
ومثل هذا التعاون وهذه الاستثمارات ليست من غير المألوف، ولكن بالتالي أصبح من الطبيعي الآن ما خلّفه إفلاس كل من “أف تي أكس- FTX” أو “ألاميدا- Almeda” من عواقب ضخمة على سولانا.
حال “سولانا” حتى الآن
انخفضت القيمة السوقية لشركة “سولانا” من ذروةٍ بلغت حوالي 80 مليار دولار في نوفمبر الماضي إلى ما يزيد قليلاً عن 6 مليارات دولار، وفقا لبيانات “CoinGecko”. كما تأثرت شبكة البلوكتشين الخاصة بسولانا بسلسلة من الانقطاعات.
وصرح مؤسس “Zeta Markets”، تريستان فريزا، وهي منصة للتداولات مبنية على شبكة سولانا بلوكتشين، للعلن قائلاً: ” أنا قلق بشأن التأثير الذي سيحدثه ما يحصل، بالنظر إلى أن ألاميدا لديها استثمارات كبيرة في سولانا والتي يمكن بالتالي تصفيتها.”
وقد أثر تدهور وضع “سولانا” في جميع الأنظمة التقنية القائمة عليها بشكلٍ غير مباشر. فقد امتد التدهور إلى “سولند-Solend” كذلك، وهو بروتوكول الإقراض المالي اللامركزي المبني على سولانا، الذي شهد خلال الأيام الماضية ارتفاعاً حاداً في عمليات التصفية – مما أدى إلى تراكم 3.5 مليون دولار من الديون على المنصة. هذا وتم تصفية جهة كبيرة مدعومة بـ 2.63 مليون “SOL” جزئيا يوم الأربعاء، بحسب بيانات “Solend”. ولم يتم التوضيح من قبل سولانا وسولاند حتى الآن.
اليوم، يبدو أن شبكة “سولانا” المنافس الأكبر لشبكة إيثيريوم والتي لُقّبت بـ”Ethereum Killer”، أصبحت قدراتها لمنافسة شبكة إيثيريوم بلوكتشين موضع شكّ بفعل ما حصل.
فقد انخفضت القيمة الإجمالية للتطبيقات المبنية على سولانا أيضاً بمقدار النصف تقريباً منذ يوم الأحد – بمجرد نشر مؤسس بينانس “تشانغبينغ تشاو-CZ” لتغريدةٍ ترجح “الانهيار في أف تي أكس إلى حوالي 500 مليون دولار”.
ومن المرجح أن يكون هناك المزيد من الضغط على شبكة سولانا و “SOL” في الأيام القادمة. إذ تؤكد بيانات سولانا كومباس أنه “سيتوقف الرهان على حوالي 50 مليون “SOL”، أي ما يزيد عن 940 مليون دولار خلال الـ24 ساعة المقبلة”. وهذا يعني أنه من الممكن تصفيتها بعد ذلك في الأسواق، مما يخلق تراكمات وعرض كبير للممثل الرقمي “SOL” في السوق وبالتالي انخفاض سعره بشكل كبير.
والتراجع عن حفظ أو رهن الممثل الرقمي لشبكة معينة يعني من الناحية التحليلية ” خسارة الثقة في النظام البيئي لتلك الشبكة أو الحاجة إلى تحرير رأس المال”، بحسب مارتن لي، صحفي البيانات في “بلوكتشين ريسرش نانسن”.
سعر “SOL” يانخفاضٍ مستمر
إن إلقاء نظرة على بيانات وصور أسعار “SOL” خلال الأيام الثلاث السابقة، كشف عن انخفاض حاد في قيمة الممثل الرقمي. وكان من الواضح وفقاً للتحليلات أن السعر قد انخفض بنسبة تزيد عن 50 بالمائة أي انخفاض بأكثر من نصف سعر “SOL” الطبيعي الذي كان يبلغ حوالي 31.2 دولاراً ليصبح الآن سعر الممثل الواحد 15.31 دولار مع انخفاضٍ مستمر.
وبالصورة، يظهر انهيار سعر “SOL” الكبير خلال الأيام الماضية:
هل من لاعب سيستغل ضعف “سولانا” حالياً؟
منذ ثلاثة أسابيع، انطلقت شبكة “أبتوس بلوكتشين” ووصفها البعض بالشبكة التي ستقضي على شعبية شبكة سولانا وستتفوق عليها فأُطلقَ عليها اسم “Solana Killer” ووعدت أبتوس بشبكة سريعة لإتمام المعاملات وبكلفة أقل إضافةً إلى أنها ستحتضن تقنيات عدة في مجال البلوكتشين والويب 3.0 وغيرها. لذا ومع تدهور حال سولانا جراء ما يحصل في السوق اليوم، هل ستستغل “أبتوس” ضعف “سولانا” وتصبح فعلاً قاتلتها؟!
هل تنهار “سولانا” على خطى “أف تي أكس”؟
“سولانا” التي لُقِّبَت باسم “قاتل إيثيريوم”، شبكة البلوكتشين التي كانت تعد الجماهير بأنها ستحدث ثورة في مجال العملات والأصول الرقمية والبلوكتشين، والتي باتت لعامين المنافس الأقوى لشبكة “إيثيريوم بلوكتشين” لامتيازها بمعاملات أقلّ كلفةً ووقت، من الواضح أنها تنازع اليوم كما “أف تي أكس” بسبب عاصفة الكريبتو التي بدأت منذ يوم الإثنين ما بين “بينانس” و”أف تي أكس”.
وبدلاً من الوعود التي كانت على عاتقها، أصبحت سولانا البالغة من العمر عامين ونصف العام ضحية العاصفة ما بين اثنين من أكبر اللاعبين في هذا المجال، لتفقد أكثر من نصف قيمتها في أسبوعٍ واحدٍ فقط. وما يحدث في أسبوعٍ واحد في سوق العملات الرقمية أقلّ ما يمكن أن يوصف به، أنّه “أسبوعٌ مّلحمي”! فماذا ينتظر “سولانا” واللاعبين الآخرين في هذه السوق بعد؟ وهل من عواقب جديدة وضحايا جدد يا تُرى؟!