انهيار “مصرف سيلكون فالي” أنعش سوق العملات الرقمية
اعتقد الجميع بأن اهتزاز النظام المالي العالمي سيتوقف مع مصرف سيلفر غايت ، ولكن توالت الأحداث وشهدنا حتى كتابة هذا المقال، انهيار ثلاثة مصارف في الولايات المتحدة الأميركية وحدها ومعاناة مستمرة منذ أكثر من عام لمصرف كريدي سويس تضاعفت خلال الأربعة والعشرين الماضية، وشهدت أسهمه هبوطاً حاداً تزامن مع إعلان المستثمر السعودي عدم نيته ضخ مزيداً من الأموال لإعادة التوازن للمصرف.
هذا الهروب من المصارف، وتجفيف المصارف من السيولة كان عنيفاً ويعكس حالة المودعين القلقة ويعطي صورة واضحة عن انعدام الثقة في النظام المالي الذي فشل حتى اليوم، ورغم جميع الضوابط التنظيمية، بالتعامل بمسؤولية أكبر تجاه الاقتصادي الكلي بشكل عام ومصلحة المودعين. هذا الانهيار سبب ضغوطات كبيرة أيضاً على الأسواق المالية، حيث طغت المؤشرات الحمراء على شاشات التداول والأسهم من حول العالم.
ويبقى السؤال الأبرز، أين تذهب هذه السحوبات؟ هل تذهب لمصارف أكبر ملاءة ؟ او تتوجه باتجاه الأصول الرقمية مع تراجع الأسواق المالية التقليدية؟ أو يحصل ما كان دائماً هو الملجأ ؟ نحو الذهب الذي شهدت أسعاره ارتفاعا ملحوظاً
سوق العملات الرقمية يعترض على دعم المصارف المترنحة
بعد تحركات من جانب الحكومة الأميركية لحماية المودعين في بنك “سيليكون فالي” المنهار، وشراء “HSBC”، ذراع المصرف الأميركي في المملكة المتحدة، شهدت الأسواق تحركات إيجابية دفعت حجم إجمالي السوق فوق حاجز ال 1 تريليون دولار من جديد، بعد أن شهدت انخفاضا في القيمة الإجمالية لسوق العملات الرقمية إلى أقل من تريليون دولار، مسجلةً أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع حسب بيانات موقع CoinMarketCap منذ بضعة أيام. فبعد حركة سعرية سالبة لمدة 16 ساعة بنسبة 8.6٪ ، انخفض المؤشر إلى 914 مليار دولار ، وهو أدنى مستوى له منذ 13 يناير.
وفي هذا الصدد، علّق الرئيس التنفيذي لمنصة CoinMENA في حديث خاص لـ”أنلوك” قائلاً: “إنّ العملات الرقمية حتى اليوم مرتبطة بعرض النقود ونسبة الفائدة، فبعد ما حصل مع البنوك الأميركية الثلاثة، قرر الفيدرالي الأميركي عدم رفع الفائدة كثيراً، الأمر الذي أدّى إلى إنعاش الأسهم، وارتفع سعر البيتكوين.. فالذي حصل، هو أن الحكومة الأميركية دعمت البنوك التي كانت على وشك الإفلاس، وهذا مرتبط بما كتبه “ساتوشي ناكاموتو” في البدء، أن الحكومة لن ترفع من عرض العملة”.
أمّا بالنسبة لاستمرار ارتفاع سعر البيتكوين، فلفت الطباع إلى أن لا أحد يعلم ما إذا كانت ستواصل ارتفاعها أم لا، لكنّه يرى أن البيتكوين هي بمثابة استثمار طويل المدى، ولا أحد يمكن معرفة ما ستؤول إليه سوق الكريبتو على المدى القصير”.
وبالنسبة لتأثير العملات الرقمية على القطاع المصرفي، أكّد “الطباع” أن قطاع العملات الرقمية لا يزال في مراحله الأولى وبالطبع هو لا يؤثّر حالياً في القطاع المصرفي، وقال: “إنّ بنك سيليكون فالي” يعد واحد من أكبر البنوك في الولايات المتحدة الأميركية، وأغلب عملائه هم من الشركات التقليدية، وليسوا شركات عملات رقمية، على خلاف “سيلفرغايت” و”سيجنتشر”.
تفاؤل بصمود USDC
لعل عودة الثقة بعملة USDC، ثاني أكبر العملات المستقرة من حيث القيمة السوقية ، قد أعطى إشارة إيجابية للسوق وساهم في إشاعة أجواء أكثر تفاؤلاً مما تعيشه المصارف التقليدية والأسواق المالية التقليدية.
وفي هذا السياق، قدم الرئيس التنفيذي “جيريمي ألاير” تفاصيل إضافية عن تعرض “سيركل” لمصرف سيليكون فالي ، قائلاً: “إنّ عملة “USDC” مضمونة بنسبة 100% بمزيج من النقد وسندات الخزانة الأميركية. وعقب البيان، ارتفع سعر “USDC”، وتم تداولها بحوالي 97 سنتاً وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ بعد أن وصل لحدود 0.81 من الدولار”.
والجدير بالذكر ان “سيركل” أودعت 5.4 مليار دولار في Bank Of New York الأسبوع الماضي، كما كشفت شركة العملات المستقرة سابقاً أن احتياطياتها النقدية موزعة على 6 مصارف.
اهتزاز الثقة بالعملة المستقرة نتيجة انكشافها لمصرف “سيليكون فالي”، كان قد دفع كل من المنصات الرئيسية للتداول بالعملات الرقمية “بينانس” و”كوين بيس” لتعليق تحويلات USDC.
ماذا عن السوق المحلّي؟
بحسب الرئيس التنفيذي لـCoinMENA، كانت ردة الفعل في السوق المحلّي إيجابية وشهدت “كوين مينا” زيادة كبيرة في حجم التداول بالعملات الرقمية في الأشهر الأولى من السنة قائلاً: ” على الرغم من أن السوق العالمي يعاني حالياً، إلّا أننا على الصعيد المحلي بنينا بنية أساسية متينة وها نحن اليوم نحصد نتيجة ما زرعنا”.
وبالنسبة لمنصات المنطقة وبخاصةٍ موفّري السيولة بالدولار، يتوقّع الطباع أن المنصات التي جهّزت نفسها ببنية مالية متعددة، لن تواجه أي عقبات أو مشكلات، كما هو الواقع لدى “كوين مينا” التي أقامت بنية مالية قائمة على خيارات عدّة أي لا تعتمد على مصرف أو شريك واحد فقط… وتكون بالتالي قد حصّنت نفسها لأنّ الجميع معرّضين للخطر”.