هل يحدث “الذكاء الإصطناعي” ثورة في قطاع الكريبتو؟
بعد الاهتمام الكبير الذي حظيت به العملات الرقمية في العامين الماضيين، ظهر الذكاء الإصطناعي في الآونة الأخيرة ليستحوذ على اهتمام العالم أجمع، بدءاً من عمالقة التكنولوجيا وصولاً إلى الأفراد الراغبين في استكشاف خبايا هذا العالم الجديد الذي يصفه البعض بالحلّ العظيم.
واجه قطاع العملات الرقمية مشكلات تتعلق بالخصوصية، وشهد سوقًا متقلبًا، ولوائح تقييدية. ولكن، من خلال الذكاء الاصطناعي يمكن تغيير مشهدية قطاع الكريبتو بطريقة غير مسبوقة كونه يمكن أن يساعد في حلّ بعض هذه المشكلات وفتح فرص وآفاق جديدة.
ثورة في قطاع العملات الرقمية
بحسب معظم خبراء التكنولوجيا، يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي (AI) إلى إحداث ثورة في قطاع العملات الرقمية من خلال تعزيز حماية البيانات وكفاءة عمليات التداول، وكذلك من خلال تمكين إنشاء خوارزميات تداول يمكنها التغلب على المتداولين البشر. صحيح أن روبوتات التداول بالعملات الرقمية ليست بالجديدة، ووُجِدَت من حوالي السنتين، إلّا أنها آخذة في التطور وبات اعتمادها محط أنظار الكثيرين وبخاصة بعد التطور الكبير الذي يحققه الذكاء الإصطناعي. إليكم إذاً إيجابيات الذكاء الإصطناعي في عمليات التداول:
- جمع البيانات: تقوم العملات الرقمية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بجمع المعلومات من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك المقالات الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي وأنماط السوق، ويتم فحص هذه البيانات باستخدام خوارزميات التعلم الآلي.
- استراتيجية التداول: يطوّر نظام الذكاء الاصطناعي خطة تداول، بما في ذلك تحديد الوقت الأنسب لشراء أو بيع أو الاحتفاظ بالعملة الرقمية، بناءً على التحليل. وبدون تدخل بشري، يتم تنفيذ عملية صنع القرار هذه تلقائيًا. وبمجرد أن يختار نظام الذكاء الاصطناعي استراتيجية تداول، فإنه يستخدم العقود الذكية لتنفيذ عمليات التداول على شبكة البلوكتشين، وعند استيفاء معايير محددة، يتم تنفيذ هذه العمليات الآلية تلقائيًا وتشغيلها بشكل مستقل.
- إدارة أفضل للمخاطر: يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المتداولين في إدارة المخاطر بشكل أفضل من خلال تقييم البيانات واكتشاف المخاطر المحتملة. كما يمكن أن يساعد المتداولين في اتخاذ خيارات أكثر استنارة فيما يتعلق بالأصول التي يجب عليهم الاستثمار فيها والمبلغ الذي يجب عليهم الاستثمار فيه. فيمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات، والتي تتضمن اكتشاف الأنماط والاتجاهات التي قد يتجاهلها المحللون البشريون. باستخدام هذا البحث، قد يقرر المتداولون وقت شراء أو بيع أو الاحتفاظ بالعملات الرقمية بمعرفة أكبر.
- خيارات متعددة: هناك مجموعة متنوعة من روبوتات ومنصات التداول بالذكاء الاصطناعي للاختيار من بينها. إذ يمكن للشخص استخدام أكثر من خيار، أو تجربة خيارات عدة حتى إيجاد الخيار الصحيح.
- أمان أفضل: من خلال اكتشاف الخروقات الأمنية المحتملة واتخاذ خطوات لإيقافها، يمكن أن يعزز تطبيق الذكاء الاصطناعي في سوق العملات الرقمية الأمان. ومن خلال القيام بذلك ، يمكن تقليل احتمالية القرصنة ومشكلات الأمان والخصوصية الأخرى.
لذا، قد يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على تقديم حلولاً لمشكلات وثغرات السلامة هذه. ففي هذا الصدد، يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحديد السلوكيات الاحتيالية واتخاذ إجراءات فورية لإيقافها. فمن خلال الذكاء الإصطناعي، ستتم حماية استثمارات المستخدمين بشكل أفضل، وسيتم تقليص المخاطر الكلية المرتبطة بالسوق.
هذا وقد يساعد الذكاء الاصطناعي الهيئات التنظيمية في اكتشاف ومنع غسل الأموال، والذي كان مصدر قلق كبير لهذه المنظمات في الآونة الأخيرة.
-خوارزميات التداول المدعومة بالذكاء الاصطناعي: يعد إنشاء خوارزميات التداول ميزة أخرى محتملة قد يجلبها الذكاء الاصطناعي إلى قطاع الكريبتو. قد يقوم الذكاء الاصطناعي بتقييم اتجاهات السوق، والتنبؤ بتغيرات الأسعار المستقبلية، وإجراء الصفقات بناءً على البيانات التي يجمعها.
تتمتع هذه الخوارزميات بالقدرة على إتمام صفقات أكثر فعالية وكفاءة ودقة من تلك التي يتم إجراؤها من قبل المتداولين البشريين، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع التعامل، مما يجعل من الممكن عقد الصفقات بشكل أسرع بكثير مما كان عليه في الماضي. لذلك سيكون المستثمرين قادرين على الاستفادة بسرعة من الفرص المتاحة في السوق بفضل الذكاء الإصطناعي.
-استخدام أفضل للموارد: يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على مساعدة قطاع الكريبتو ليصبح أكثر كفاءة. قد تكون خوارزميات الذكاء الاصطناعي قادرة على أتمتة مجموعة متنوعة من العمليات، بما في ذلك تحليل البيانات، وتوفير خدمة العملاء، وحتى إنتاج أو سكّ عملات رقمية جديدة.
نتيجة لذلك، سيتقلّص العمل والجهد البشري، وستكون العمليات أسرع وأكثر دقة وأقل تكلفة. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في جعل السوق أكثر شفافية من خلال توفير البيانات في الوقت الفعلي عن الأسعار والصفقات.
بينما ندرس العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وتداول العملات الرقمية، من الضروري فهم الطرق المتنوعة التي تؤثر بها هذه التكنولوجيا على قطاع الكريبتو، والتي قد يكون لها آثار سلبية في بعض الأحيان، أهمها:
- صعوبة فهم التكنولوجيا: بينما يمكن أن تساعد روبوتات الذكاء الاصطناعي المبتدئين في الأغراض التعليمية، إلا أنها أكثر تعقيدًا على صعيد التداول الفعلي بالعملات الرقمية، فيمكن أن تكون استراتيجيات التداول بالذكاء الاصطناعي معقدة وصعبة الفهم، ما يحول دون تكيّف المتداول معها وعدم معرفة استخدامها.
- عدد محدود من العملات الرقمية: هناك العديد من العملات الرقمية للاختيار من بينها، يفوق عددها الـ 21000 عملة رقمية متداولة. وعلى الرغم من وجود العديد من روبوتات التداول بالذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا تتوافق مع كل العملات الرقمية، إذاً، يكون خيار التداول محدود نوعاً ما وغير متاح لجميع العملات.
- إمكانية الربح المحدود: في حين أن روبوتات الذكاء الإصطناعي يمكن أن تولد أرباحًا، فإن إمكاناتها لتحقيق الربح محدودة. عادة ما تكون تباينات الأسعار بين عمليات التداول صغيرة، مما يعني أن الأرباح التي تحققها هذه الروبوتات صغيرة نسبيًا.بالإضافة إلى ذلك، مع اعتماد المزيد من المتداولين لهذه الاستراتيجية، قد تصبح فرص الصفقات المربحة أكثر ندرة.
- ارتفاع التكاليف: يشكّل إرتفاع تكاليف استخدام روبوتات الذكاء الإصطناعي، عقبة أخرى أمام المتداولين. فيمكن أن تكون هذه الروبوتات باهظة الثمن للشراء، كما أنها تتطلب صيانة ومراقبة مستمرة.
بالإضافة إلى ذلك، تفرض بعض المنصات رسومًا على استخدام الروبوتات، مما قد يزيد من تكاليف ورسوم التداول.
دعوة إلى التوقف موقتاً عن تطوير الذكاء الاصطناعي
وقّع في شهر مارس، أكثر من 2,600 من الرؤساء التنفيذيين والباحثين في مجال التكنولوجيا على عريضة تدعو إلى “التوقف الموقت” بشكل فوري عن تطوير الذكاء الاصطناعي، خوفاً من المخاطر الكبيرة التي قد يُشكلها الذكاء الاصطناعي المتطور على المجتمع والإنسانية.
وقد كان الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، “إيلون ماسك” والشريك المؤسس لشركة آبل، ومجموعة من الرؤساء التنفيذيين والمدراء التنفيذيين والباحثين المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي من بين الموقعين على الرسالة التي نشرها مركز الأبحاث الذي يُعرف بإسم معهد مستقبل الحياة (FOLI)، والذي يتخذ من الولايات المتحدة مركزاً له، في 22 مارس.
ودعا المعهد جميع الشركات التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي إلى الإيقاف الفوري لأنظمة تدريب الذكاء الاصطناعي التي تُعد أقوى من GPT-4 لمدة ستة أشهر على الأقل، وشارك مخاوفه من أن الذكاء الاصطناعي القادر على التنافس مع الذكاء البشري يمكن أن يشكل مخاطر كبيرة على المجتمع والإنسانية، من بين أمور أخرى.
أخيراً، إنّ الذكاء الإصطناعي يوفّر سرعة وكفاءة أعلى في أداء الأعمال بشكل عام، يساعد على اتخاذ قرارات أفضل ويوفّر مستوى أعلى من الأتمتة والقدرة على التطوير والنمو. لذا، قد يكون اعتماده، حلّاً جيّداً في مجال التداول بالعملات الرقمية بخاصة في ظلّ التقلّبات الدائمة الحاصلة في سوق الكريبتو. ولأننا لم نكتشف بعد المخاطر الدقيقة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، يجب على الجهات الرقابية والتنظيمية فرض لوائحها وأطرها التنظيمية بغية تنظيم استخدامه وعدم اعتماده بهدف التسبّب بالأذى أو الإساءة للبشرية.
فهل يحقق الذكاء الإصطناعي فعلاً ثورة في مجال الكريبتو ويدفع بالمزيد من المستثمرين إلى الإنضمام إلى هذا المجال؟