الميتافرس ودول مجلس التعاون الخليجي: “فرص وتحديات في الأفق الافتراضي”
يكتسب عالم الميتافرس الافتراضي يوماً بعد يوم، اهتمامًا وأهمية متزايدة في منطقة مجلس التعاون الخليجي، فالميتافرس لديه القدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا البعض والوصول إلى المعلومات والخدمات. في السنوات الأخيرة وبخاصة في عام 2022، أظهر مجلس التعاون الخليجي (GCC) اهتمامًا متزايدًا بتطوير وإمكانات الميتافرس.
إليكم إذاً أهمية ودور الميتافرس في دول مجلس التعاون الخليجي وإمكانياتها لتشكيل مستقبل التكنولوجيا والأعمال والمجتمع في المنطقة.
استثمارات ومبالغ هائلة!
نشرت Strategy & Middle East تقريراً طرحت فيه توقعاتها مشيرةً إلى أن المساهمة المحتملة للميتافرس في اقتصادات مجلس التعاون الخليجي يمكن أن تصل إلى حوالي 15 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، منها 7.6 مليار دولار في المملكة العربية السعودية و 3.3 مليار دولار في الإمارات العربية المتحدة.
هذا وقد تجتذب دول مجلس التعاون الخليجي استثمارات بقيمة 800 مليار دولار بحلول عام 2024.
أطلقت الإمارات العربية المتحدة بالفعل استراتيجية الميتافرس وأنشأت حاضنة لمرحلة مبكرة من تطبيقات الميتافرس والويب3.0 ، بينما تستخدم مدينة NEOM في المملكة العربية السعودية الميتافرس في قطاع البناء والتعاون والتخصيص. فمن المهم للمؤسسات في دول مجلس التعاون الخليجي أن تعمل الآن وتستفيد من هذه الفرصة المتنامية.
تكامل حقيقي بين الإنسان والتكنولوجيا
أما الأمر الذي يميّز الميتافرس عن غيره، هو أنه ليس مكانًا ولا تقنية. فهو بمثابة المرحلة الأخيرة من تطوير علاقة الإنسان / الكمبيوتر، وهي مرحلة تم تصميمها لإنشاء تجربة سلسة وواسعة الانتشار وملموسة ومحاكاة واقعية جدًا للواقع الموازي. فيمكن للشخص زيارة موقع إنشاء افتراضي، على سبيل المثال، ورؤية شكل المباني حتى قبل دخول أولى المعدات إلى الأرض وبدءها بالعمل.
هذا ويتألّف “الميتافرس” من سبعة مكونات، الأول يشمل تقنيات مثل الحوسبة وأدوات البيانات (الذكاء الاصطناعي ، وأنظمة إدارة البيانات ، وما إلى ذلك) ، والأنظمة الأساسية البلوكتشين، وتطبيقات البرامج (لاستخدامها على سبيل المثال ، في تطوير الصور الرمزية وخدمات الدفع).
والثاني يشمل الوظائف، أي الأشياء التي تعزز تجربة المستخدم مثل النمذجة ثلاثية الأبعاد.
أما المكون الثالث فهو المحتوى والكائنات الافتراضية والتجارب التي تملأ الميتافرس. يشمل ذلك العقارات الافتراضية والسلع الافتراضية والأصول الرقمية الأخرى.
المكون الرابع، هو البنية الأساسية والأجهزة والبرامج التي تدعم الميتافرس، بما في ذلك الخوادم والشبكات والحوسبة السحابية. المكون الخامس هو الحوكمة والقواعد واللوائح والسياسات التي تحكم الميتافرس.
أما المكون السادس فهو النموذج الاقتصادي، أي الطريقة التي يتم بها إنشاء القيمة وتبادلها وتوزيعها داخل عالم الميتافرس. والمكون السابع والأخير، فيشمل الديناميكيات الاجتماعية والطريقة التي يتفاعل بها الناس ويتواصلون داخل عالم الميتافرس.
تعمل هذه المكونات معًا على إنشاء عالم افتراضي متكامل تمامًا مع العالم المادي، مما يسمح للناس بالتفاعل مع بعضهم البعض ومع المحتوى الرقمي بطريقة تبدو طبيعية وسلسة. فيمثل الميتافرس نوعًا جديدًا من واجهة الإنسان / الكمبيوتر ، وهو واجهة غامرة وتفاعلية وواقعية للغاية. باختصار، إنه تكامل حقيقي بين الإنسان والتكنولوجيا، يطمس الخطوط الفاصلة بين ما هو افتراضي ومادي.
ثورة في السوق الخليجية!
يمتلك الميتافرس القدرة على إحداث ثورة في عدد من القطاعات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك قطاع السياحة والسفر، الخدمات المصرفية والمالية ، والعقارات. هذا ويمكن لقطاع السفر والسياحة وحده تحقيق 3.2 مليار دولار بحلول عام 2030 من خلال التجارب الافتراضية مثل جولات الميتافرس للمواقع أو الأحداث التاريخية.
كما يمكن أن يحقق الميتافرس أيضًا 1.8 مليار دولار في قطاع الخدمات المصرفية والمالية في دول مجلس التعاون الخليجي ، وذلك بفضل صعود شركات التكنولوجيا المالية والفرص التي توفرها. في مجال العقارات، يمكن أن يساهم الميتافرس بمليار دولار بحلول عام 2030، مما يسمح للمطورين بتقديم تجارب افتراضية للعملاء. وكما سبق وذكرنا، فأن الإمارات العربية المتحدة والسعوية هما في طريقهما إلى ريادة هذا القطاع.
أما كل الإقتصاد الكويتي والقطري، فمن المتوقع أن يستفيدان بحلول عام 2030، من تكنولوجيا الميتافرس لتصل قيمتها إلى 1.6 مليار دولار ومليار دولار على التوالي.
ففي حين أن الميتافرس لا يزال في مراحله الأولى من التطور، يجب على الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعظيم الاستفادة من هذه التكنولوجيا الجديدة.
هذا وسبق أن صرّح المدير الإقليمي لشركة Meta في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، “فارس العقاد” لـ Asharq Business، قائلاً أنه من المتوقع أن يعزز الميتافرس اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا بمقدار 360 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.
يقدم الميتافرس عددًا من الفوائد الاقتصادية من خلال تزويد المستخدمين بتجارب افتراضية استثنائية يمكن أن تلهم الشخص بالسفر شخصيًا وإعادة زيارتها لاحقًا من خلال الميتافرس.
خطوات على الشركات اتّباعها!
من أجل بناء إستراتيجية فعّالة للميتافرس، يجب على المنظمات اتباع هذه الخطوات العملية الست:
- تحديد حالات استخدام الأعمال ذات الصلة وتطوير التجارب.
- بناء بنية أساسية رقمية قوية لدعم التوسع السريع للعمليات الرقمية.
- إتقان تقنية البلوكتشين لضمان الموثوقية والحفاظ على شبكة واضحة لحفظ السجلات.
- تحسين إدارة البيانات وإمكانيات التحليلات للتعامل مع النمو الهائل في حجم البيانات.
- تعزيز الأمن السيبراني و جعله أولوية لضمان حماية معلومات المستخدم.
على ما يبدو، إنّ دول مجلس التعاون الخليجي، والإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، تشقّ طريقها نحو تحقيق الخطوات الأساسية التي ستجعل ربما منها مركزاً للميتافرس، يجذب أهم وأكبر الشركات التي تطمح في تطوير أنفسها وتعزيز تجربة المستهلك من خلال العالم الإفتراضي.